أيها الإخوة والأخوات! نلحظ بإذن الله سبحانه وتعالى هذه المعاني الواضحة الجلية في النظرة الإسلامية القرآنية الإيمانية للإنسان؛ من حيث التكريم والاختيار والاصطفاء وتمكينه في الأرض، من حيث التسخير الذي جعله الله تبارك وتعالى له في هذه الحياة الدنيا، لا يعتبر قهراً للطبيعة؛ بل تسخير له، فعندما يركب البحر فكأن البحر يشعر أنه كان يسبح الله، والآن ركب عليه من يسبح الله، إذا طار في الفضاء فأيضاً هذا من فضل الله وتسخير الله له سخر الطائرة وسخر له الجو، وكل شيء مسخر له! إذا مشى في الجبال فهي مسخرة له، إذا رأى الأودية فهي مسخرة له، إذا رأى الليل والنهار والشمس والقمر فهي مسخرة له؛ ليعرف عدد السنين وليعرف الحساب، وليزرع وليحرث وليقيم أموره على هذا، وهكذا يستفيد من ضوء هذه، ويستفيد من نور هذا، والأرض يحرث ويزرع, وجعلها الله تبارك وتعالى مباركة، وهذا أيضاً عكس ما في التوراة أن الأرض جعلها ملعونة!
بل الله تعالى جعلها أرضاً مباركة (( وَبَارَكَ فِيهَا ))[فصلت:10]، وجعل الماء الذي ينزل فيها (( مَاءً مُبَارَكًا ))[ق:9], بنص القرآن؛ فالماء مبارك، والأرض مباركة، والإنسان مبارك إذا اتقى الله سبحانه وتعالى، وفي رزقه هذا بركة، فإن اتقى الله وأطاعه فإن الله عز وجل يجازيه على ذلك بالخير والبركة الأكثر, والنعيم الدائم وهو الجنة عند الله تبارك وتعالى، وإن أبى فإن الله تبارك وتعالى يمتعه متاعاً قليلاً في الدنيا -وكل الدنيا قليل مهما كانت ومهما طالت- وفي النهاية فإننا نجد أن الدار الآخرة هناك يُحاسب على كل ما قدم, وعلى كل ما عمل.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقني وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح, وأن يرد البشرية إليه رداً حميداً جميلاً, وأن يعرفنا جميعاً بنعمه عز وجل، ويجعلنا شاكرين له من أجلها مثنين بها عليه مقدرين لها، وأن يجمع هذا النوع وهذا الجنس البشري ويفقههم جميعاً، وينصر عباده المؤمنين الطيبين الطاهرين المخلصين على أولئك المخالفين المعاندين، وأن يرحم ويتوب على هذا العالم فلا يعذبهم ولا يهلكهم حتى تقوم الحجة عليهم كما وعد بذلك.
ونقف هنا وأستغفر الله العظيم, وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد, وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
أضف تعليقا
تنويه: يتم نشر التعليقات بعد مراجعتها من قبل إدارة الموقع